فصل: الشاهد السادس والثلاثون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.فتح صفد.

لما عاد صلاح الدين إلى دمشق أقام بها نصف رمضان ثم تجهز لحصار صفد فنزل عليها ونصب المجانيق وكانت أقواتهم قد تسلط عليها الحصار الأول فخافوا من نفاذها فاستأمنوا فأمنهم وملكها ولحقوا بمدينة صور والله تعالى أعلم.

.فتح كوكب.

لما كان صلاح الدين على صفد خافه الإفرنج على حصن كوكب فبعثوا إليه نجدة وكان قايماز النجمي يحاصره فشعر بتلك النجدة وركب إليهم وهم مخنقون ببعض الشعاب فكبسهم ولم يفلت منهم أحد وكان فيهم مقدمان من الإستبارية فحملهما إلى صلاح الدين على صفد فاحضرهما القتل على عادته في الفداوية والاستبارية فاستعطفه واحد منهما فعفا عنهما وحبسهما ولما فتح صفد سار إلى كوكب وحاصره وأرسل إليهم بالأمان فاصروا على الامتناع عليه فنصب عليهم المجانيق وتابع المزاحفة ثم عافه المطر عن القتال وطال مقامه فلما انقضى المطر عاود المزاحفة وضايقهم بالسور ونقب منه برجا فسقط فارتاعوا واستأمنوا وملك الحصن منتصف ذي القعدة من السنة ولحق الإفرنج بصور واجتمع الزعماء وتابعوا الرسل إلى إخوانهم وراء البحر في حوزة يستصرخونهم فتابعوا إليهم المدد واتصل المسلمون في الساحل من أيلة إلى بيروت لا يفصل بينهم إلا مدينة صور ولما فرغ صلاح الدين من صفد وكوكب سار إلى القدس فقضى فيه نسك الأضحى ثم سار إلى عكا فأقام بها إلى انسلاخ الشتاء والله تعالى أعلم.

.فتح الشقيف.

ثم سار صلاح الدين في ربيع سنة خمس وثمانين إلى محاصرة الشقيف وكان لأرناط صاحب صيدا وهو من أعظم الناس مكرا ودهاء فلما نزل صلاح الدين بمرج العيون جاء إليه وأظهر له المحبة والميل وطلب المهلة إلى جمادى الأخيرة ليتخلص أهله وولده من المركيش بصور ويسلم له حصن الشقيف فأقام صلاح الدين هنالك لوعده وانقضت مدة الهدنة بينه وبين سمند صاحب إنطاكية فبعث تقي الدين ابن أخيه مسلحة في العساكر إلى البلاد التي قرب انطاكية ثم بلغه اجتماع الإفرنج بصور عند المركيش وان الإمداد وافتهم من أهل ملتهم وراء البحر وان ملك الإفرنج بالشام الذي أطلقه صلاح الدين بعد فتح القدس قد اتفق مع المركيش ووصل يده به واجتمعوا في أمم لا تحصى وخشى أن يتقدم إليهم ويترك الشقيف وراءه فتنقطع عنه الميرة فأقام بمكانه فلما انقضى الأجل تقدم إلى الشقيف واستدعى أرناط فجاء واعتذر بأن المركيش لم يمكنه من أهله وولده وطلب الإمهال مرة أخرى فتبين صلاح الدين مكره فحبسه وأمره أن يبعث إلى أهل الشقيف بالتسليم فلم يجب فبعث به إلى دمشق فحبس بها وتقدم إلى الشقيف فحاصره بعد أن أقام مسلحة قبالة الإفرنج الذين بظاهر صور فجاءه الخبر بأنهم فارقوا صور لحصار صيدا فلقيتهم المسلحة وقاتلوهم فغلبوهم وأسروا سبعة من فرسانهم وقتلوا آخرين وقتل مولى لصلاح الدين من أشجع الناس وردوهم على أعقابهم إلى معسكرهم بظاهر صور وجاء صلاح الدين بعد انقضاء الواقعة فأقام في المسلحة رجاء أن يصادف أحدا من الإفرنج فينتقم منهم وركب في بعض الأيام ليشارف معسكر الإفرنج فظن عسكره أنه يريد القتال فنجعوا وأوغلوا إلى العدو وبعث صلاح الدين الأمراء في أثرهم يردونهم فلم يرجعوا ورآهم الإفرنج فظنوا أن وراءهم كمينا فأرسلوا من يكشف خبرهم فوجدوهم منقطعين فحملوا عليهم وأناموهم جميعا وذلك تاسع جمادي الأولى من السنة ثم انحدر إليهم صلاح الدين في عساكره من الجبل فهزمهم إلى الجسر وغرق منهم في البحر نحو من مائة دارع سوى من قتل وعزم السلطان على حصارهم واجتمع إليه الناس ثم عاد الإفرنج إلى صور وعاد السلطان إلى بليس ليشارف عكا ويرجع إلى مخيمه ولما وصل إلى المعسكر جاء الخبر بأن الإفرنج يتعدون عن صدور مذاهبهم لحاجاتهم فكتب إلى المعسكر بعكا ووعدهم ثامن جمادى الأخيرة يوافونه من ناحيتهم للإغارة عليهم وأكمن لهم في الأودية والشعاب من سائر النواحي واختار جماعة من فرسان عسكره وتقدم إليهم بأن يتعرضوا للإفرنج ثم يستطردوا لهم إلى مواضع الكمناء ففعلوا وناشبوا الإفرنج وانفوا من الاستطراد وطال على الكمناء الإنتظار فخرجوا خشية على أصحابهم فوافوهم في شدة الحرب فانهزم المسلمون ووقع التمحيص وكان أربعة في الكمين من أمراء طيء فعدلوا عن طريق أصابهم وسلكوا الوادي وتبعهم بعض العسكر من موالي صلاح الدين ورآهم الإفرنج في الوادي فعلموا أنهم أضلوا الطريق فاتبعوهم وقتلوهم والله تعالى أعلم.